Thursday, June 13, 2013

Unity and Harmony Impossible Without The Shadow Of Islam


لا وحدة ولا تآلف إلا في ظل الإسلام




لا وحدة ولا تآلف إلا في ظل الإسلام
نظرة على تاريخ الأمة الإسلامية وأوضاعها الراهنة تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المدارس الليبرالية والاشتراكية كانت وبالاً عليها، فقد عانت في ظلها آلام الفرقة وأوجاع الانقسام، ومحاولات طمس الهوية، واستقطاب المثقفين في تيه أفكارها، واستلهام فلسفات ونظريات فشلت في منابتها. ثم جاءت القومية العربية بشعاراتها الجوفاء وكلماتها البراقة لتلقى بعد حين مصير الرسوب بعد عجزها عن جمع شتات الأمة، وعلى مر التاريخ هناك دعوات شاذة تهدف إلى التعصب للمذهب، وفهم جوانب من الإسلام بطرق معتلة تستوجب البيان والإيضاح. إن الإسلام وحده هو الدين القادر على تحقيق الوحدة والترابط بين أبناء الأمة، قال تعالى: { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ "103"}(آل عمران). لقد كان للإسلام دور كبير جمع الأوس والخزرج في المدينة على كلمة سواء، وهما الحيّـان العربيّـان اللذان عاشا حقبة طويلة من العداء، وكان يجاورهما اليهود الذين كانوا يوقدون حول هذه العداوة وينفخون في نارها، حتى تأكل روابط الحيّـين جميعاً، فألّـف الله بين قلوب الحيّـين من العرب بالإسلام. ولم يكن إلا الإسلام وحده يجمع هذه القلوب المتنافرة، ولم يكن إلا حبل الله يعتصم به الجميع، فيصبحون بنعمة الله إخواناً، وما كان يمكن أن تجمع القلوب إلا أخوّة في الله، تصغر إلى جانبها الأحقاد التاريخيّـة، والثارات القبليّـة والأطماع الشخصيّـة، والرايات العنصريّـة، ويتجمّـع الصفّ تحت لواء الله الكبير المتعال؛ { وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا }، ويذكّـرهم نعمته عليهم في إنقاذهم من النار التي كانوا على وشك أن يقعوا فيها.. إنقاذهم من النار بهدايتهم إلى الاعتصام بحبل الله (الركيزة الأولى) وبالتأليف بين قلوبهم، فأصبحوا بنعمة الله إخواناً (الركيزة الثانية). والنصّ القرآنيّ يعمد إلى مكمن المشاعر والروابط (القلب) فلا يقول: فألّف بينكم، إنما ينفذ إلى المكمن العميق؛ { فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ }؛ فيصوّر القلوب مؤلّـفة متآلفة بيد الله وعلى عهده وميثاقه، كذلك يرسم النصّ صورةً لما كانوا فيه، بل مشهداً حيّـاً متحرّكاً تتحرّك معه القلوب؛ { وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا }، وبينما حركة السقوط في حفرة من النار متوقّـعة، إذا بالقلوب ترى قدرة الله، وهي تدرك وتـنقذ! وحبل الله وهو يمتـدّ ويعصم، وصورة النجاة والخلاص بعد الخطر والترقّب، وهو مشهد متحرّك حيّ تتبعه القلوب واجفةّ خافـقةً، وتكاد العيون تتملاّه من وراء الأجيال. إننا في كل عصر ومصر نشهد حركةً دائبةً من أعداء المسلمين تريد تمزيق شمل الصف المسلم، وإثارة الفتـنة والفرقة بكل الوسائل.. ومن ثم تأتي التحذيرات من مخططاتهم ومكائدهم: قال تعالى: { وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ "105"}(آل عمران)، وقال جلّ شأنه: { وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ "46"}(الأنفال). ويروي أحمد وغيره بسند حسن عن النوّاس بن سمعان الأنصاري، عن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" قال: «ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنْبتَي الصّـراط سُوران، فيهما أبوابٌ مفتَّـحةٌ، وعلى الأبواب سُتورٌ مُرْخَاةٌ، وعلى باب الصّـراط داعٍ يقول: يأيها الناس ادخُلُوا الصِّراط جميعاً، ولا تَـتَعَرَّجُوا، وداعٍ يدعو من فوق الصِّراط، فإذا أراد يَفْـتَحُ شيئاً من تلك الأبواب، قال: ويْحك لا تَفْـتَحْهُ، فإنك إن تفـتَحْه تَلِجْه، والصِّراط: الإسلام، والسُّـوران: حدود الله، والأبواب المُفَتَّـحَةُ: محارمُ الله، وذلك الداعي على رأس الصِّراط: كتابُ الله، والدّاعي مِنْ فوق الصِّراط: واعظ الله في قلب كل مسلم». إن الإسلام نهى عن التفرّق في صراط الحق وسبـيله، فإن التفرّق في الدّين الواحد يجعله مذاهب يتشيّـع لكل منها شيعة وحزب ينصرونه، ويتعصّـبون له، ويخطّـئون ما خالفه، ويرمون أتباعه بالجهل والضلال، أو الكفر والابتداع.. وذلك سبب لإضاعة الدّين بترك الحق المنزل فيه؛ لأن كل شيعة تنظر فيما يؤيّـد مذهبها، ويُظهرها على مخالفيها، لا في الحق لذاته، والاستعانة على استبانته، وفهم نصوصه ببحث أي عالم من العلماء، بغير تعصّـب ولا تشيّـع. والحق لا يمكن أن يكون وقـفاً محبوساً من عند الله تعالى على عالم معيّـن، وعلى أتباعه، فكل باحث من العلماء يخطئ ويصيب، وهذا أمر قطعيّ ثابت بالعقـل والنقـل والإجماع. ولكن جميع المتعصّـبين للمذاهب، الملتزمين بها، مخالفون له، ومن كان كذلك لم يكن متّـبعاً لصراط الله الذي هو الحق الواحد، وهذا ظاهر فيهم، فإنهم إذا دعوا إلى كتاب الله عزّ وجلّ، وإلى ما صحّ من سُنّـة رسول الله "صلى الله عليه وسلم"؛ أعرضوا عنهما، وآثروا قول أيّ مؤلف لكتاب منـتمٍ إلى مذاهبهم. ولما كان اتباع الصراط المستقيم، وعدم التفرّق فيه، هو الحق الموحّـد لأهل الحق، الجامع لكلمتهم، وتوحيدهم وجمع كلمتهم، وهو الحافظ للحق، المؤيّـد له، والمعزّ لأهله.. كان التفرّق فيه بما ذكر سبباً لضعف المتفرّقـين وذلّهم وضياع حقهم.. فبهذا التـفرّق حلّ بأتباع الأنبياء السابقـين ما حلّ من التخاذل والتـقاتل والضعف وضياع الحق، وقد اتّـبع المسلمون سننهم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى حلّ بهم من الضعف والهوان ما يتألّـمون منه، ويتململون، ولم يردعهم عن ذلك ما ورد في التحذير منه في كتاب الله تعالى، وأحاديث رسوله "صلى الله عليه وسلم"، وآثار الصحابة والتابعين، ولا ما حلّ بهم من البلاء المبين، ولم يبـق بينهم وبين من قبلهم فرق إلا في أمرين: أحدهما: حفظ القرآن من أدنى تغيير، وأقل تحريف، وضبط السُّنة النبويّـة بما لم يسبق له في أمّـة من الأمم نظير. وثانيهما: وجود طائفة من أهل الحق في كل زمان تدعو إلى صراط الله وحده، وتـتبعه بالعمل والحجة، كما بشّـر به. ولكن هؤلاء قد قـلّوا في القرون الأخيرة، وكل صلاح وإصلاح في الإسلام متوقّـف على كثرتهم، فنسأل الله تعالى أن يكثرهم في هذا الزمان، ويجعلنا من أئمتهم، فقد بلغ السيل الزبى
The article above was taken from an esteemed and widely circulated magazine, Al-Mujtamaa, regularly appearing from Kuwait

No comments: